جراحة تطويل عظم الفخذ ليست عملية واحدة فقط، بل هي رحلة طويلة تشمل التحضير، يوم العملية، ثم فترة الإطالة والتأهيل. نجاح النتيجة لا يعتمد على التقنية الجراحية وحدها، بل يتأثر أيضًا بقوة العضلات ومرونتها، وحالة التغذية، ونمط الحياة قبل العملية.
في هذا المقال نعرض لك كيف تهيئ جسمك للجراحة من خلال التمارين قبل العملية، تمارين التمطّط (السترتشينغ)، التغذية وضبط الوزن، ودور الفيتامينات والمعادن حتى تمرّ فترة الإطالة بشكل أكثر أمانًا وراحة.
أثناء جراحة تطويل عظم الفخذ يتم إجراء قطع عظمي كامل (Osteotomy) في عظم الفخذ، أي يتم قطع العظم بشكل كامل تحت السيطرة الجراحية. بعد ذلك يُستخدَم الجهاز أو المسمار الداخلي لإبعاد طرفي العظم تدريجيًا بمعدل محدّد، ويُنتظر أن يتكوّن عظم جديد في الفراغ بين الطرفين.
خلال هذه الفترة تتحمّل أدوات التثبيت والإطالة جزءًا كبيرًا من وزن الجسم إلى أن يلتئم العظم تمامًا. كلما كان وزن الجسم أعلى، زاد الضغط الميكانيكي على هذه الأجزاء. في الوقت نفسه تتعرّض العضلات والأوتار والمفاصل لشد مستمر مع الإطالة. لذلك فإن الدخول إلى العملية بعضلات أقوى ومرونة أفضل ووزن أقرب إلى المثالي يساعد على تقليل المخاطر الميكانيكية ويجعل فترة الإطالة أكثر تحمّلًا.
التمارين قبل العملية – أو ما يُسمّى أحيانًا بـ “Prehab” – تهدف إلى تجهيز العضلات والمفاصل مسبقًا حتى يتقبّل الجسم فترة الإطالة بشكل أفضل. الأهداف الأساسية هي:
من المناسب غالبًا البدء ببرنامج منظم للتمارين قبل 4–6 أسابيع من العملية. وفي الحالات التي تكون فيها العضلات ضعيفة جدًا أو المرونة محدودة بشكل واضح، يمكن تمديد هذه الفترة إلى 8–12 أسبوعًا. يمكن أن يكون البرنامج بمعدل 4–5 أيام في الأسبوع لمدة 30–45 دقيقة في كل حصة، مع تعديل الشدة حسب حالة المريض.
المجموعات العضلية الأهم قبل تطويل عظم الفخذ هي:
أمثلة على تمارين التقوية:
أثناء فترة الإطالة تتعرض العضلات والأوتار لشد مستمر، وإذا كانت متيبسة مسبقًا فقد تصبح الآلام أشد والحركة أصعب. لذلك فإن تمارين التمطّط قبل العملية تمنح المريض أفضلية كبيرة.
يُفضّل أداء تمارين التمطّط كل يوم، أو على الأقل 5 أيام في الأسبوع.
أمثلة على تمارين التمطّط الأساسية:
في جراحة تطويل عظم الفخذ تتحمّل أدوات الإطالة والتثبيت وزن الجسم إلى أن يلتئم العظم الجديد. زيادة الوزن تعني زيادة الحمل على هذه الأدوات، وقد تجعل تدريب المشي وإعادة التأهيل أصعب وتزيد من احتمال المشكلات الميكانيكية.
الهدف في الفترة قبل الجراحة هو الوصول إلى نقص تدريجي ومدروس في الوزن دون خسارة للكتلة العضلية، مع ضمان كفاية البروتين لدعم التئام العظام والأنسجة.
البروتين ضروري لبناء العظام، والحفاظ على قوة العضلات، ودعم التئام الجروح. تختلف الحاجة اليومية حسب الوزن والعمر والحالة الصحية، لكن كثيرًا من البالغين يحتاجون تقريبًا إلى 1.2–1.8 غ من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم. يجب تحديد الكمية الدقيقة بالتعاون مع طبيب أو أخصائي تغذية.
أمثلة على مصادر جيدة للبروتين: السمك، الدجاج، الديك الرومي، اللحوم الحمراء قليلة الدهن، البيض، اللبن والزبادي، الأجبان، الكفير، العدس، الحمص، الفاصولياء، ومنتجات الصويا.
كقاعدة عملية بسيطة، يمكن اعتبار أن حصة بحجم راحة اليد من البروتين في كل وجبة رئيسية كمية مناسبة لكثير من المرضى (مع التعديلات الفردية).
تلعب الفيتامينات والمعادن دورًا داعمًا في التئام العظام والأنسجة، لكن هذا لا يعني أن كل مريض يحتاج إلى كل المكملات. الأنسب هو تقييم تحاليل الدم قبل الجراحة، وتعويض النقص فقط عند الحاجة وتحت إشراف طبي.
فيتامين D مهم لعملية بناء العظم ووظيفة الجهاز المناعي. عند وجود نقص يمكن للطبيب أن يصف جرعة مناسبة من فيتامين D لفترة محددة، مع تجنب الاستخدام العشوائي أو الجرعات العالية بدون متابعة طبية.
يفضّل في البداية تأمين احتياج الجسم من الكالسيوم عن طريق الغذاء، مثل الحليب ومشتقاته وبعض الخضروات الورقية والمكسرات. في وجود هشاشة عظام أو عوامل خطورة إضافية يمكن للطبيب أن يضيف مكملات الكالسيوم والفيتامين D ضمن خطة العلاج.
فقر الدم يمكن أن يزيد من التعب ويبطّئ التعافي بعد الجراحة. لذلك من المفيد فحص مستوى الهيموغلوبين، والفريتين (مخزون الحديد)، وفيتامين B12، والفولات قبل العملية، وتعويض أي نقص حسب الخطة الطبية المناسبة.
التدخين يبطّئ التئام الجروح ويزيد من خطر العدوى ومشكلات التئام العظام. من الأفضل التوقف عن التدخين 4–8 أسابيع على الأقل قبل الجراحة والابتعاد عنه تمامًا بعد العملية.
الإفراط في تناول الكحول يضعف المناعة وقد يؤثر سلبًا في مسار التعافي. يُنصح بالتقليل من الكحول قدر الإمكان، ويفضل إيقافه في الأسابيع التي تسبق الجراحة.
النوم الجيد يساعد في التحكم بالألم ودعم عملية الترميم داخل الجسم. حاول النوم 7–8 ساعات ليلًا، وقلّل من استخدام الشاشات في وقت متأخر. وإذا كان التوتر أو القلق عاليًا، فقد يكون من المفيد طلب الدعم من مختص في الصحة النفسية قبل الدخول في رحلة الإطالة.
الجدول التالي يقدّم إطارًا عامًا يمكن تعديله حسب حالة كل مريض:
التحضير قبل الجراحة خطوة أساسية، لكن المتابعة بعد العملية لا تقل أهمية. إذا كنت ترغب في فهم الصورة الكاملة لرحلة تطويل القامة، يمكنك قراءة المقالات التالية:
التحضير الجيد قبل جراحة تطويل عظم الفخذ يؤثر بشكل مباشر في نجاح العملية وراحة المريض وسرعة التعافي. برنامج منظّم يشمل التمارين والتمطيط، والتغذية المتوازنة وضبط الوزن، وتصحيح نقص الفيتامينات والمعادن، وتبنّي نمط حياة صحي؛ جميعها عوامل تجعل رحلة الإطالة أكثر أمانًا وتوقّعًا.
تذكّر أن كل مريض حالة خاصة، وما ورد هنا إطار عام يساعدك على الفهم والتخطيط. يجب أن يتم وضع الخطة النهائية للتحضير قبل الجراحة بالتعاون مع فريقك الطبي، ومع أخصائي العلاج الطبيعي والتغذية عند الحاجة.